النقابات تدعو لتعديل مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديداعتراضات وانتقادات لتقييد الحقوق الفردية في مواد المشروع.. والبرلمان يناقش تعديلات تلبية لمطالب الأمن والعدالة
يواجه مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد موجة من الاعتراضات من نقابات مهنية في مصر مثل نقابات الصحفيين والمحامين والمهندسين. تتمثل هذه النقابات في مواقف متشابهة تطالب بمراجعة القانون وعدم إقراره بسرعة دون دراسة جيدة ووضع ضمانات عادلة.
يطالب المعترضون بحوار مجتمعي واسع يضم كافة الأطراف المعنية للتوصل إلى صيغة تضمن حقوق المواطنين وتتماشى مع أحكام الدستور. في هذا التقرير، نستعرض مواقف تلك النقابات وأبرز اعتراضاتها على المشروع.
– موقف نقابة المهندسين: رفض التنفيذ المتعجل
أعلن نقيب المهندسين، طارق النبراوي، رفضه للإصرار على تنفيذ مشروع قانون الإجراءات الجنائية بهذا الشكل المتعجل، معبراً عن قلقه من عدم استكمال الحوار المجتمعي المطلوب.
وأشار النبراوي إلى أن التاريخ يؤكد أن القوانين المتسرعة لن تسري طويلاً لأنها لا تعبر عن احتياجات الشعب.
كما أعرب عن تضامنه مع نقيب الصحفيين خالد البلشي في رفضه لبعض بنود المشروع، ودعا مجلس النواب إلى التمهل والاستماع إلى كافة الآراء، مشددًا على أن أمان واستقرار الوطن هو الأهم في هذه المرحلة.
– موقف نقابة الصحفيين: معركة من أجل حقوق المواطنين
من جانبه، أكد خالد البلشي، نقيب الصحفيين، أن النقابة بصدد استكمال ملاحظاتها بشأن مشروع القانون، والتي ستُرسل إلى مختلف الجهات الحكومية والبرلمانية. البلشي أوضح أن الاعتراضات تتركز على 41 مادة تخالف الدستور، و44 مادة تحتاج لتعديلات جذرية، مشيرًا إلى أن بعض المواد تمثل تهديدًا للعمل الصحفي. كما شدد البلشي على ضرورة وقف مناقشة المشروع وفتح حوار مجتمعي حوله لضمان الحفاظ على ثقة المواطنين في نظام العدالة.
– تأثير القانون على الصحافة
عبّر البلشي عن مخاوفه من تأثير القانون الجديد على حرية الصحافة، إذ يتضمن المشروع نصين يمكن استخدامهما لتقييد العمل الصحفي، وهو ما يعارضه بشكل قاطع. النقابة أكدت أن الصحافة الحرة تحتاج إلى مناخ ملائم لا يتضمن إجراءات تضع الصحفيين تحت تهديد مستمر، خاصة فيما يتعلق بمواد الحبس الاحتياطي التي تراها النقابة مجحفة بحق المتهمين.
– نقابة المحامين: من الاعتراض إلى التوافق
نقيب المحامين، عبد الحليم علام، أعلن أن النقابة كانت قد قدمت اعتراضاتها على مشروع القانون إلى مجلس النواب في البداية، وانضمت إليها نقابة الصحفيين في معركة الدفاع عن الحريات. ومع ذلك، تراجعت النقابة عن موقفها المعترض بعد أن استجابت اللجنة التشريعية بالبرلمان لكثير من ملاحظاتها، وأكد علام أن النقابة الآن في انتظار الصياغة النهائية للمواد المتبقية.
– المواد المثيرة للجدل
رغم تأييد النقابة للشكل شبه النهائي للقانون، تظل هناك بعض المواد التي لم تُحسم بعد، مثل المادتين 143 و144 المتعلقتين بالتحفظ على الأصول والممتلكات. وتترقب النقابة الصياغة النهائية لهذه المواد لضمان أن تُطرح بشكل يراعي مصالح الجميع.
– موقف مجلس النواب: الاستماع إلى الجميع
في بيان له، أكد مجلس النواب أنه يحرص على استيعاب كل الآراء المتعلقة بمشروع القانون، مشيرًا إلى أن اللجنة الدستورية والتشريعية بالمجلس قد أتمت مناقشاتها بشأن المشروع، بعد تعديلات شاملة أخذت في الاعتبار مقترحات متعددة من نقابة المحامين والصحفيين ومجلس القضاء الأعلى. وأكد البيان أن المشروع يتضمن ضمانات موسعة لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك تقليص مدد الحبس الاحتياطي وتقييد سلطات الضبط القضائي.
– أهمية الحوار المجتمعي
أشاد المجلس بأهمية الحوار المجتمعي في تعزيز التلاحم بين مختلف فئات المجتمع، مشيرًا إلى أن بعض توصيات الحوار الوطني قد تم إدماجها في مشروع القانون. ومن أبرز هذه التوصيات، تقليص مدد الحبس الاحتياطي وتنظيم الإجراءات القضائية بشكل يضمن حقوق المتهمين.
– دعوة لاستكمال الحوار
على الرغم من تعديلات مجلس النواب، لا تزال نقابات المهندسين والصحفيين والمحامين تطالب بمزيد من التروي في إقرار القانون. تُجمع هذه النقابات على ضرورة استكمال الحوار المجتمعي لضمان أن يكون القانون معبرًا عن تطلعات مختلف شرائح المجتمع ويحافظ على حقوق المواطنين في ظل نظام قضائي عادل. تظل النقابات على استعداد لمواصلة الدفاع عن مصالح أعضائها والمجتمع، مؤكدين أن التغيير الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال قانون عادل ومتوازن يحمي الجميع.
– أبرز مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد
يتضمن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد العديد من المواد الهامة التي تهدف إلى تحديث النظام القانوني في مصر، مع إدخال تحسينات في مجال حماية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة الجنائية. وفيما يلي أبرز المواد التي جاءت في المشروع:
1. تقليص مدد الحبس الاحتياطي: يُعتبر تقليص مدد الحبس الاحتياطي من أبرز النقاط التي تناولها القانون، حيث نص المشروع على تقليص هذه المدد بشكل ملحوظ. أصبحت مدة الحبس الاحتياطي في الجنح لا تتجاوز أربعة أشهر، مقارنة بستة أشهر في القانون السابق. أما في الجنايات، فقد تم تحديدها بـ12 شهرًا بدلًا من 18 شهرًا، وفي القضايا المتعلقة بالسجن المؤبد أو الإعدام لا تتجاوز 18 شهرًا بدلًا من سنتين.
2. تنظيم الحماية القانونية للشهود والمبلغين والمتهمين: تضمن المشروع نصوصًا جديدة تهدف إلى حماية الشهود والمبلغين والمتهمين والمجنى عليهم، وهو ما يعد تقدمًا ملموسًا في توفير الضمانات القانونية للمعنيين بالقضية، حيث تتولى النيابة العامة ضمان حمايتهم أثناء سير الدعوى الجنائية.
3. التحول نحو التحقيق والمحاكمة عن بُعد: من خلال تبني أسلوب التحقيق والمحاكمة الرقمية، يسعى المشروع إلى تحديث الإجراءات الجنائية بما يتماشى مع التطورات التكنولوجية العالمية. ويشمل هذا التوجه توفير إعلانات رقمية، وتنفيذ جلسات استماع وتحقيقات عن بُعد، مما يساهم في تقليل الفجوات الزمنية في المحاكمات وتيسير إجراءات العدالة.
4. تقييد سلطات الضبط القضائي: من ضمن المواد اللافتة للنظر، تقييد سلطات مأموري الضبط القضائي في القبض والتفتيش. حيث أصبح هناك حاجة لمزيد من الضوابط والرقابة القضائية على تلك السلطات، لضمان حماية حقوق الأفراد ومنع أي تجاوزات قد تحدث في هذه العمليات.
5. التعويض عن الحبس الاحتياطي الخاطئ: ولأول مرة، نص المشروع على تعويض المتهمين الذين ثبتت براءتهم أو من أمضوا فترة طويلة في الحبس الاحتياطي الخاطئ. هذا النص يمثل خطوة هامة في تعزيز الحقوق القانونية للمواطنين.
– أبرز الاعتراضات على مشروع القانون
رغم أهمية مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، إلا أن هناك عدة اعتراضات قوية من مختلف النقابات المهنية والمنظمات الحقوقية، التي تعتقد أن بعض المواد قد تمثل خطورة على الحريات الفردية والمهنية.
يواجه مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد اعتراضات من نقابات مهنية في مصر مثل نقابات الصحفيين والمحامين والمهندسين. تطالب هذه النقابات بمراجعة المشروع وعدم التسرع في إقراره بدون دراسة جيدة وضمانات عادلة.
1. مخالفة بعض المواد للدستور: وفقًا لنقيب الصحفيين خالد البلشي، هناك 41 مادة في مشروع القانون تخالف الدستور المصري، مما أثار انتقادات واسعة. وأكد البلشي أن هذه المواد تنال من حقوق المتهمين والمواطنين في التقاضي العادل، حيث تفتقر بعض النصوص إلى ضمانات كافية لحماية حقوق الدفاع، مما يضع السلطة القضائية في وضع مهيمن على حساب حقوق المتهمين.
2. تهديد حرية الصحافة: جاء الاعتراض من جانب الصحفيين على عدة مواد اعتبرتها النقابة مهددة لحرية الصحافة. حيث تضمن المشروع مواد يمكن استخدامها لتقييد العمل الصحفي ووضع الصحفيين تحت تهديد دائم. هذا الاعتراض أثار قلقًا واسعًا داخل الوسط الصحفي، حيث أن تلك المواد قد تؤدي إلى تقييد حرية التعبير وتعرض الصحفيين للإجراءات القانونية العقابية بشكل مفرط.
3. المحاكمة عن بُعد والإجراءات التقنية: أعرب بعض النقابيين عن قلقهم من أن تنظيم المحاكمة عن بُعد قد يؤدي إلى الإضرار بحقوق المتهمين. فقد أشاروا إلى أن الاعتماد على التسجيلات الرقمية قد يؤدي إلى سوء التدوين أو تحريف بعض التفاصيل، مما قد ينتقص من حق المتهم في محاكمة عادلة وشفافة.
4. عدم المساواة بين سلطة الاتهام والدفاع: من أبرز الانتقادات التي وُجهت للمشروع هو عدم توازن النصوص بين حقوق المتهم وحقوق النيابة العامة. حيث أن المشروع يمنح النيابة العامة صلاحيات واسعة قد تقوض حقوق الدفاع، منها عدم السماح بالتظلم إلى القضاء في قرارات النيابة بشأن سير التحقيق.
5. التأثير على المحامين والدفاع: أبدى نقيب المحامين عبد الحليم علام اعتراضه على بعض المواد التي تنظم العلاقة بين المحامين والسلطة القضائية. كما اعترض على بعض الإجراءات التي تعيق قدرة المحامين على تقديم دفاع كامل لموكليهم، حيث تم طرح مواد تمنح النيابة صلاحيات أكبر على حساب الدفاع.
6. تهديد الحريات العامة: تمثل النقابات المهنية والمحامون ومنظمات حقوق الإنسان جبهة قوية ضد بعض المواد التي اعتبروها تهدد الحريات العامة. هذه المواد تتعلق بإجراءات القبض والتفتيش، وأخرى تمنح سلطات تنفيذية مفرطة للنيابة العامة دون ضوابط كافية لضمان حماية الحريات الشخصية.