توافق اليوم ذكرى المولد النبوي الشريف، الذي وُلِد فيه النبي محمد بن عبدالله. وفي هذا اليوم، يحتفل المسلمون بولادة رسول الله، دون أن يكون ذلك عيدًا رسميًا، وإنما تعبيرًا عن فرحتهم واحتفاء بشخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين.
هذا العام، أعلنت دار الإفتاء المصرية أن موعد ذكرى المولد النبوي الشريف سيكون يوم الأحد، 15 سبتمبر 2024، الموافق 12 ربيع الأول 1446 هجريًا. وقد أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بأن تكون هذه المناسبة إجازة رسمية مدفوعة الأجر.
حكم شراء حلوى المولد وأكلها
فيما يتعلق بسؤال “ما حكم شراء حلوى المولد وأكلها في ذكرى المولد النبوي الشريف؟”، رد الأزهر الشريف بأن الاحتفال بالمولد النبوي يُعد مظهرًا من مظاهر تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وعلامة من علامات محبته. تعظيم النبي وحبه مقطوع بمشروعيتهما، وهما من أصول الإيمان. فقد قال صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين” [صحيح البخاري].
مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي
الاحتفال بالمولد النبوي مشروع بالكتاب والسنة واتفاق علماء الأمة. من الكتاب الكريم، قوله تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]، ولا شك أن من أعظم أيام الله قدرًا يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 58]، قال ابن عباس: “فضلُ الله: القرآن، ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم”.
من السنة النبوية، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين، ولما سُئل عن ذلك قال: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه» [مسلم في صحيحه]. هذا يدل على مشروعية الاحتفال به صلى الله عليه وسلم.
اتفق العلماء على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي. فقد ذكر الإمام الحافظ أبو شامة المقدسي في كتابه “الباعث على إنكار البدع والحوادث” أن البدع الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها، ومنها الاحتفال بالمولد. كما نقل الحافظ السخاوي في “الأجوبة المرضية” عن أهل الإسلام احتفالهم في شهر مولده صلى الله عليه وسلم.
المراد بالاحتفال وكيفية إحيائه
الاحتفال بالمولد النبوي يشمل تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدح النبي، والثناء عليه، ومدارسة سيرته، وإطعام الطعام، ونحو ذلك. إحياء ليلة المولد يتضمن أنواعًا من القربات مثل إطعام الطعام، الصيام، القيام، تلاوة القرآن، الأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أقر المؤرخون مثل ابن الجوزي وابن دحية وابن كثير هذا.
مشروعية الإنشاد في المولد
الإنشاد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم خلال الاحتفال بالمولد النبوي مشروع ولا شيء فيه. وقد ألّف جمع من العلماء في استحباب الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، من بينهم الحافظ ابن دحية والإمام السيوطي.
أخبار ومبشرات عن الاحتفال
قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي: “قد صحَّ أن أبا لهب يُخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين، لإعتاقه ثويبة، سرورًا بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم”. ويظهر من هذا أن الفرح بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم له فضل.
هل كل ما لم يفعله السلف محظور شرعًا؟
البدعة ليست على درجة واحدة، بل هي مقسمة إلى: بدعة واجبة، بدعة محرمة، بدعة مندوبة، بدعة مكروهة، وبدعة مباحة. البدعة التي تدخل في قواعد الشريعة الإيجابية أو السلبية تُحكم بناءً على تلك القواعد. وقال الإمام الشافعي: “المحدثات من الأمور ضربان: ما يخالف كتابًا، أو سنة، أو إجماعًا، وهذه بدعة ضلالة. وما يُحدث من الخير لا خلاف فيه، وهذه محدثة غير مذمومة”.
بذلك، يتضح أن الاحتفال بالمولد النبوي مشروع ومندوب، وأن التشكيك في عقيدة المحتفلين ليس له أساس شرعي.