اللجنة التشريعية: البعض حوّل الخلاف التشريعي إلى سياسي متجاوزين النقاش القانوني
أصدرت اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس النواب بيانًا يشير إلى جهود المجلس في تحسين التشريعات القائمة وضمان احترام حقوق الإنسان. تمت خطوة غير مسبوقة برفض تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية المقترح من الحكومة؛ بهدف تعزيز الحوار والتعاون بين السلطات المختلفة.
وأضافت اللجنة في البيان: وجّه المستشار الدكتور حنفي جبالي بتشكيل لجنة فرعية ضمت نخبة من ممثلي مختلف الهيئات والجهات المعنية بالقانون والعدالة وحقوق الإنسان. كانت اللجنة الفرعية التي تولت إعداد مشروع القانون نموذجًا في التنسيق والشمولية، حيث ضمت في عضويتها أعضاء من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، بالإضافة إلى ممثلين عن لجنتي حقوق الإنسان، والدفاع والأمن القومي، كما ضمت ممثلين عن عدة جهات رفيعة المستوى، من بينها: “مجلس الشيوخ، مجلس القضاء الأعلى، النيابة العامة، مجلس الدولة، هيئة مستشاري مجلس الوزراء، المجلس القومي لحقوق الإنسان، نقابة المحامين، وأساتذة القانون بكليات الحقوق بالجامعات المصرية”، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارات الداخلية، العدل، وشئون المجالس النيابية.
وقد استمر عمل اللجنة الفرعية على مدار أربعة عشر شهرًا متواصلة، تمت خلالها مراجعة مواد مشروع القانون المقترحة، ومقارنتها بالمعايير الدستورية والدولية؛ لضمان توافقها مع أحكام الدستور والمواثيق الدولية التي صدّقت عليها مصر. وبعد سلسلة من النقاشات المستفيضة، والاستماع لوجهات نظر متعددة من مختلف الأطراف ذات الصلة، تمكنت اللجنة من إعداد مشروع قانون متكامل للإجراءات الجنائية يتواكب مع المتطلبات الدستورية ويساهم في تعزيز العدالة الجنائية وضمان حقوق المواطنين. وقد رأى مجلس الوزراء أن مشروع القانون الجديد يتميز بالشمولية والمرونة، ما يجعله أداة فعالة لضمان العدالة وحماية الحقوق والحريات؛ وهو الأمر الذي دفعه إلى تبني مشروع القانون الجديد كبديل عن المشروع السابق؛ في خطوة تعكس الرغبة المشتركة لدى السلطتين التشريعية والتنفيذية في إنجاز هذا القانون المهم.
وفي هذا السياق، دعا المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، لجنة الشئون الدستورية والتشريعية للانعقاد خلال الإجازة البرلمانية لاستكمال المناقشات حول مشروع القانون. وبالفعل، انعقدت اللجنة وشهدت جلساتها حضورًا واسعًا من ممثلي الحكومة والنقيب العام لمحامي مصر، حيث تم مناقشة كل مادة من مواد مشروع القانون بعناية فائقة، واستمع الجميع إلى كافة الملاحظات والاقتراحات، سواء من أعضاء اللجنة أو من ممثلي الجهات الحكومية أو أصحاب المصالح. أكدت اللجنة على عدم تمسكها بمواد المشروع دون استماع، بل كانت منفتحة على استيعاب كافة الملاحظات الموضوعية التي من شأنها تحسين جودة التشريع وزيادة فعاليته. ومن أبرز الجهات التي أسهمت بملاحظات قيّمة كانت نقابة المحامين، التي قدمت مقترحات جوهرية تم الأخذ ببعضها لتعزيز ضمانات الدفاع وضمان المحاكمة العادلة. كما استجابت اللجنة لبعض المطالب التي قدمتها نقابة الصحفيين المتعلقة بضمانات حرية التعبير والنشر، والتي تمت معالجتها ضمن مواد مشروع القانون.
وأكد البيان أن اللجنة من المقرر أن تنتهي من أعمالها غدًا الأربعاء، تمهيدًا لعرض مشروع القانون على مجلس النواب في بداية دور الانعقاد الخامس، وهو الأمر الذي يعكس مدى التزام المجلس بسرعة الاستجابة للتحديات التشريعية والمجتمعية.
وقال البيان إن البعض، منذ إعلان مجلس النواب رغبته الجادة في إنجاز هذا المشروع، وجهوا ملاحظات موضوعية تتعلق بمشروع القانون. وهنا وجب التأكيد على أن النقد البنّاء جزء لا يتجزأ من العملية التشريعية ومرحب به عندما يقوم على أسس موضوعية ودراسة متعمقة وفهم صحيح للنصوص القانونية. لكن للأسف، انبرى البعض من منتقدي المشروع ليس لمناقشة نقاطه الموضوعية أو تقديم مقترحات تطويرية، بل لجأوا إلى تحويل الخلاف التشريعي إلى خلاف سياسي، متجاوزين بذلك حدود النقاش القانوني. استخدموا النقد كوسيلة لمهاجمة مشروع القانون والجهة التي أعدته، في محاولة لعدم خروج المشروع إلى النور، وتوظيف هذا النقد لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية. لم يكن شغلهم الشاغل تطوير مشروع القانون، بل السعي لعدم إقراره، وفي سبيل تحقيق ذلك لجأوا إلى الكذب والتضليل.
وجاء في البيان: “هؤلاء المنتقدون خلعوا عن أنفسهم رداء الدفاع عن الدستور والقانون، وكشفوا عن فشلهم في مواجهة مشروع القانون تشريعيًا، فعمدوا إلى تحريف النقاش”.
وأكدت اللجنة في بيانها أنها لا تزعم الكمال لمشروع القانون، فهو عمل بشري بُذلت فيه أقصى درجات العناية والدقة، لكنها عملت بكل ما أوتيت من علم وتفانٍ، مخلصة في سعيها نحو إرساء العدالة وتحقيق الصالح العام. وناشدت اللجنة معارضي المشروع، ممن لهم نوايا خبيثة، أن يدركوا أن العدالة لا تخضع للأهواء، وأن الأجيال القادمة هي الحكم الحقيقي على ما أنجزته. فنحن نضع مصلحة الوطن نصب أعيننا أولاً وأخيرًا، ولن ننحرف عن هذا الطريق مهما كانت التحديات.