شارك الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في مؤتمر التاسع للأمانة العامة لدور هيئات الإفتاء في العالم، والذي نظمته دار الإفتاء المصرية تحت عنوان “الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع”. الحدث شهد حضور الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بالإضافة إلى الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف.
وأكد وزير الأوقاف أن وزارة الأوقاف بكل قدراتها ومقدراتها وشيوخها وخطابها وأئمتها مجندة لدعم دار الإفتاء المصرية وفضيلة مفتي الديار المصرية؛ لتؤدي رسالتها السامية في خدمة الشعب المصري العظيم وخدمة المسلمين جميعًا والإنسانية جمعاء ولدعم هذا المؤتمر الكريم حتى ينجح نجاحًا مبهرًا ويحقق أقصى غاياته.
كما أكد وزير الأوقاف أن وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية ونقابة الأشراف ونقابة الطرق الصوفية تصطف جميعًا صفًا واحدًا وعلى قلب رجل واحد خلف البيت الكبير الجامع لنا جميعًا والذي هو الأزهر الشريف، وتحت رايته وخلف إمامنا الأكبر شيخ الأزهر الشريف الذي هو أستاذنا ورمزنا وإمامنا المعبر عنَّا جميعًا كمسلمين أمام العالم، والذي نكن له منتهى الوفاء والبر والعرفان والمحبة.
راية الأزهر الشريف
وأكد وزير الأوقاف أن المؤسسة الدينية في مصر على قلب رجل واحد تقف جبلًا شامخًا تحت راية الأزهر الشريف موجها رسالة للضيوف قائلا:’ حتى نكون داعمين لحضراتكم في كل دولكم وشعوبكم نشد أزركم حتى تؤدوا رسالة الإسلام السمحة التي تملأ الدنيا علمًا وأمانًا ونورًا.
وأكد وزير الأوقاف أن دار الإفتاء قد وفقت في اختيار موضوع المؤتمر والذي جاء بعنوان: ‘الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع’، فهذه كلمات ثلاث تحدد إطار المؤتمر الفتوى والأخلاق والعالم، فالفتوى عبارة عن صنعة ومهارة وعلم وبصر بالأحكام الشرعية وكيفية تنزيلها على وقائع المكلفين، والأخلاق التي هي ميراث النبوة وهي نور وسمو ونبل وتزكية وأدب وسير إلى الله تعالى، والعالم الذي هو متسارع ومتغير ومتناقض ولاهث يطرح كل يوم تعقيدًا فلسفيًا وأسئلة حائرة وثمرات معرفية وتكنولوجية جامحة وتأثرًا وتأثيرًا بسياسات العالم المحكومة بتوازنات صعبة وأبعاد اقتصادية متشابكة ومتداخلة ومعقدة، إن هدف المؤتمر أن يغترف من الأخلاق قبسًا من النور والحكمة يسري إلى الفتوى وعلومها لتطفئ به نيران العالم المتسارع المتناقد اللاهث.
وأضاف وزير الأوقاف أنه لو نهض أئمة العلم وعكفوا على حصر كل الكلام النبوي الشريف وعده وحذف مكرره لما بلغت المتون النبوية 50 ألفًا من الأحاديث النبوية المشرفة وقد أشار إلى هذا الحافظ ابن حجر في ما نقله عنه البرهان البقاعي والإمام الجلال السيوطي إذ قال الحافظ ابن حجر إن الأحاديث الصحاح التي بين أظهرنا بل وغير الصحاح لو تم تتبعها من كافة الكتب لما بلغت مائة ألف بلا تكرار بل ولا خمسين ألفا.
وأضاف أن المتعلق من تلك الأحاديث بالفقه والأحكام الشرعية بالفتوى لا يزيد على خمسة آلاف متن وقد سُئل الإمام الشافعي رحمه الله كم أصول الأحكام؟ قال: خمسمائة حديث، قيل له فكم أصول السنن؟ قال: خمسمائة، فعدد الأحاديث الأحكام عنده وهو سيد المجتهدين وناصر السنة لا تزيد على ألف حديث، بل أقصى ما أحصاه العلماء من أحاديث الأحكام ما أفاده حجة الإسلام الغزالي في المستصفى من أن أحاديث الأحكام لا تزيد على ما في سنن أبي داوود وهي أربعة آلاف حديث وتزيد قليلا، فإذا أخذنا خمسة آلاف حديث تتعلق بالفقه والأحكام بقي لنا ما يزيد على أربعين ألفا من الأحاديث الشريفة تتعلق كلها بالأخلاق والآداب، فترك (صلى الله عليه وسلم) أمة الإسلام من بعده تسبح على بحر عظيم محيط من المكارم والأخلاق والشيم والشمائل التي تبني أرفع القيم الإنسانية الكاملة والتي تتعهد بالرفق والرحمة والإنصاف والإكرام كل إنسان على وجه الأرض.
حيث أرسل (صلى الله عليه وسلم) رحمة للعالمين، فكان من هديه الشريف عجائب الأخلاق الباهرة في معاملة الطفل وإكرام الطفولة وفي معاملة المرأة وفي معاملة المريض وفي الرفق بالمديون وإنظار المعسر وفي إكرام ذوي القدرات والحاجات الخاصة، وفي معاملة الغريب والوافد وابن السبيل وفي إكرام الضيف وفي الحض البليغ على إكرام اليتيم وفي حسن معاملة الجار وفي بر الوالدين، وفي تخصيص الأمومة بقدر زائد من الرعاية والتبجيل، وفي حسن جدل أهل الكتاب وعموم أهل الأديان وإنصافهم وعدم ظلمهم، مع التبسم في وجوه الناس جميعًا وأن نقول للناس حسنًا وأن نتسع للخلق جميعًا ونشملهم ببسط الوجه وحسن الخلق وفي الإنصاف من النفس وفي بذل السلام للعالم.
القضية الفلسطينية
وأكد وزير الأوقاف أن القضية الفلسطينية ستظل قضيتنا الكبرى، وسنظل هنا في مصر داعمين لأشقائنا في فلسطين، وفي حقهم في الحياة، وفي رفض كل صور الظلم والقهر لهم ونؤكد على ثوابت الدولة المصرية تحت قيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في دفع الظلم والعدوان عن أشقائنا في فلسطين عمومًا وفي غزة خصوصًا وفي حق أشقائنا الفلسطينيين في إقامة دولتهم الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وكما ننادي بالبناء الأخلاقي في الفتوى فإننا ننادي بالبناء الأخلاقي في السياسة الدولية وننادي باحترام كافة المواثيق الدولية القاضية باحترام حق الشعوب في تقرير مصيرهم وفي حق شعبنا الفلسطيني في بناء دولته.
حفل افتتاح أولومبياد باريس 2024
وأشار وزير الأوقاف إلى ما وقع بالأمس في حفل افتتاح أولومبياد باريس 2024 من حدث جلل مفتقد تمامًا للبناء الأخلاقي، مما أصابنا جميعًا ببالغ الأسى والاستنكار، من تعرض غير لائق لمقام سيدنا المسيح عيسى ابن مريم (عليه السلام)، وقد أدانه الأزهر الشريف وإمامنا الأكبر، وأدانته دار الإفتاء المصرية، وأعلنا نحن في وزارة الأوقاف الإدانة البالغة لهذه الإهانة، وأدانه الحبر الأكبر البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وأدان هذا الحدث مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، ورعاة الكنيسة المعمدانية الإنجيلية والأساقفة والمطارنة المصريون في أمريكا وكندا والكنيسة الكاثوليكية في فرنسا وتوالت ردود الفعل المنكرة في الرأي العام الدولي مما دفع منظمي الأولمبياد إلى حذف الفيديو ودفع المتحدثة باسم الأولمبياد في مؤتمر صحفي بالأمس الأحد إلى أن تعتذر قائلة : وإذا شعر الناس بأي إساءة فإننا متأسفون حقا، نعم نشعر بالإساءة فإن الإساءة لنبي واحد من أنبياء الله (عز وجل) ورسله كالإساءة لهم جميعًا، فقد قال نبينا ومولانا محمد (صلى الله عليه وسلم ) : (الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم).
وأكد وزير الأوقاف أن الإساءة والإهانة لرموز المسلمين والمسيحيين ولمقدساتهم، بل والإساءة إلى سائر الأديان عواقبه وخيمة وينسف كل جهود الاستقرار والتعايش التي نسعى إليها وتغذي التطرف والتطرف المضاد، ولا يمكننا التقدم إلى تعارف جاد بين الحضارات في ظل الاستهانة أو الإهانة للرموز والمقدسات الدينية وأدعو كافة القيادات الدينية في العالم انطلاقًا من هذا المؤتمر الموقر إلى حملة توعية شاملة تتعامل مع هذه الأزمات بمنتهى الرقي اللائق بقيم الأنبياء الكرام، القيم التي تطفئ نيران الفتن وتنشر في مختلف المنابر الفكرية والثقافية ووسائل التواصل والسوشيال ميديا تعريفًا صحيحًا بسيدنا محمد وبسيدنا عيسى عليهما صلوات الله وتسليماته وبما جاءا به من الهدى والنور والإكرام للإنسان والتجمل بالأخلاق مع المعتدي والمسيء.