«جهاز صغير يستعيد الأمن».. الإسبان يعيدون اكتشاف الراديو بعد انقطاع الكهرباء الكامل

مع انطفاء الأضواء، وصمت الهواتف، وتوقف الإنترنت عن التدفق في عروق الحياة اليومية في إسبانيا، لجأ المواطنون إلى جهاز قد يبدو قديم الطراز ولكنه أثبت أنه الأكثر موثوقية في أوقات الأزمات: الراديو الذي يعمل بالبطارية.
هشاشة الاعتماد على الرقمنة
وقال السكان المحليون إنهم شعروا وكأنهم عادوا إلى “العصور الوسطى الرقمية” حيث لم يتمكنوا من شحن هواتفهم أو الوصول إلى الأخبار عبر الإنترنت. مع اختفاء الإنترنت وشبكات الهاتف المحمول، أصبحت الأجهزة البسيطة مثل أجهزة الراديو بمثابة شرايين الحياة في بحر من العزلة المفاجئة. بحسب الخبر الذي نشرته صحيفة “إلموندو” الإسبانية؛
وأعلنت منصات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، وعلى رأسها أمازون، عن زيادة كبيرة في الطلب على أجهزة الراديو التي تعمل بالبطاريات والطاقة الشمسية. في أعلى القائمة يوجد راديو AM/FM المحمول VBESTLIFE، والذي يُباع بمبلغ 8 يورو فقط، بخصم 36%.
ووصفت المنصات الطلب بأنه “غير مسبوق”، مشيرة إلى أن الأجهزة بيعت خلال ساعات.
جهاز الطوارئ المثالي
وحظي الراديو الجديد بإشادة في التقارير الفنية، حيث جاء فيه أنه مثالي لحالات الطوارئ لأنه يعمل بالبطاريات العادية ولا يحتاج إلى الشحن. كما أنه يحتوي على مكبر صوت صغير مدمج بجودة صوت مثيرة للإعجاب.
كما روجت الصحف الإسبانية لحلول أخرى مثل محطة الطاقة المحمولة FlashFish E200، والتي تُطرح للبيع بخصم 53% وسعر نهائي يبلغ 126.68 يورو فقط بعد استخدام القسيمة. أصبحت هذه المحطة، التي تسمح بشحن أجهزة متعددة في وقت واحد، واحدة من الحلول المفضلة في أوقات الأزمات.
العودة إلى الأساسيات
وتقول الشركة المصنعة إن الجهاز يحتفظ بنسبة 80% من سعته بعد 800 دورة شحن، كما أنه يحتوي على أنظمة أمان مدمجة ضد ارتفاع درجة الحرارة والقصر الكهربائي، مما يجعله استثمارًا آمنًا على المدى الطويل.
ويقول المحللون إن ما حدث في إسبانيا لم يكن انقطاعًا مؤقتًا للتيار الكهربائي، بل درسًا عمليًا مفاده أن البنى التحتية الرقمية المعقدة يمكن أن تنهار في لحظة، وأن اللجوء إلى أدوات أساسية مثل الراديو أو الطاقة الشمسية لم يعد ترفًا بل ضرورة.
هل ستعود الكهرباء فورًا؟
وأعلنت شركة الكهرباء الإسبانية “ريد إلكتريكا” أن الاستهلاك في جميع أنحاء البلاد انخفض بنسبة تزيد عن 40 في المائة في غضون دقائق من انقطاع التيار الكهربائي، ليصل إلى 10.5 جيجاوات فقط مقارنة بالمستويات الطبيعية. وبحسب بيان الحكومة الإسبانية، تم إعادة تشغيل محطات الطاقة الغازية والكهربائية لتسريع عملية التعافي، وبحلول الساعة 20:00، عادت حوالي 2 جيجاوات من الطاقة إلى العمل.
وقالت شركة تشغيل شبكة الكهرباء البرتغالية (رين) إن السبب المحتمل هو حدث مناخي نادر ناجم عن تغيرات حادة في درجات الحرارة في إسبانيا، مما تسبب في اضطرابات كبيرة في الشبكة.
لكن التوقعات تظل مثيرة للقلق؛ وقالت شركة رين إن الأمر قد يستغرق نحو أسبوع حتى تعود الشبكة إلى وضعها الطبيعي، وبالتالي فإن آثار الانقطاع قد تتعمق في الأيام المقبلة.
العاصمة في حالة من الفوضى
ولم يؤثر الانقطاع على الشركات فحسب، بل أثر أيضًا على الحياة اليومية للمواطنين. توقفت إشارات المرور عن العمل، فيما حذرت الإدارة العامة للمرور في إسبانيا المواطنين من تجنب القيادة بسبب خطر وقوع الحوادث. لكن الذعر تسبب في عودة العديد من الأشخاص إلى منازلهم في وقت قياسي، مع زيادة حركة المرور على الطريق السريع M-30 بنسبة 194%، وهو أعلى معدل تم تسجيله على الإطلاق، وفقًا لمؤشر TomTom Global Traffic Index.
الأمن السيبراني أمر مشكوك فيه
وفي حين انتشرت شائعات حول احتمال وقوع هجوم إلكتروني منسق على الشبكة، نفى رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا الحادث بشكل قاطع، مدعيا أن الحوادث لم تكن نتيجة لهجوم خارجي بل كانت بسبب عوامل تقنية معقدة وعوامل متعلقة بالطقس.
وفي حين يُتحدث عن الطاقة الشمسية باعتبارها أحد أسباب اختلال التوازن، فقد بدأت تُطرح أسئلة حول اعتماد أوروبا على مصادر الطاقة المتجددة دون أنظمة احتياطية فعالة. ولم تستبعد مصادر في قطاع الكهرباء أن يكون الإفراط في توليد الطاقة الشمسية قد تسبب في فشل الشبكة، وهو ما يفتح فصلا جديدا في النقاش حول التوازن بين البيئة واستقرار الطاقة.