غرقت إسبانيا والبرتغال في ظلام دامس تقريبا بعد انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي وصفه خبراء الطاقة بأنه الأسوأ في تاريخ المنطقة الحديث.
أغلقت المصانع، وأغلقت الصيدليات، وتشكلت طوابير أمام أجهزة الصراف الآلي المعطلة، ولجأت محلات السوبر ماركت إلى القلم والورق لمعالجة طلبات العملاء. تعكس هذه الصورة الدراماتيكية مدى هشاشة البنية التحتية للطاقة في مواجهة التقلبات الشديدة في تدفقات الكهرباء عبر شبكة الكهرباء الوطنية.
شلل اقتصادي شامل
وقد أدى هذا الاضطراب إلى توقف كل القطاعات الحيوية تقريبا في كلا البلدين، من الأغذية إلى سلاسل النقل، ومن البنوك إلى الأدوية، بشكل شبه كامل. وبحسب صحيفة “أوك دياريو” الإسبانية، بدأت المؤسسات في حساب الخسائر الأولية، والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات.
وفي حين يعد قطاع الأدوية من بين القطاعات الأكثر تضررا، حذرت مصادر متخصصة من احتمال حدوث اضطرابات في إمدادات الأدوية الحساسة مثل أدوية السرطان والسكري. وفي حين لم يكن هناك أي توتر في البورصة، استمرت المعاملات بسبب عدم اليقين بشأن الأضرار الفعلية التي ستحدث في الأيام المقبلة.
هل ستعود الكهرباء فورًا؟
وأعلنت شركة الكهرباء الإسبانية “ريد إلكتريكا” أن الاستهلاك في جميع أنحاء البلاد انخفض بنسبة تزيد عن 40 في المائة في غضون دقائق من انقطاع التيار الكهربائي، ليصل إلى 10.5 جيجاوات فقط مقارنة بالمستويات الطبيعية. وبحسب بيان الحكومة الإسبانية، تم إعادة تشغيل محطات الطاقة الغازية والكهربائية لتسريع عملية التعافي، وبحلول الساعة 20:00، عادت حوالي 2 جيجاوات من الطاقة إلى العمل.
وقالت شركة تشغيل شبكة الكهرباء البرتغالية (رين) إن السبب المحتمل هو حدث مناخي نادر ناجم عن تغيرات حادة في درجات الحرارة في إسبانيا، مما تسبب في اضطرابات كبيرة في الشبكة.
لكن التوقعات تظل مثيرة للقلق؛ وقالت شركة رين إن الأمر قد يستغرق نحو أسبوع حتى تعود الشبكة إلى وضعها الطبيعي، وبالتالي فإن آثار الانقطاع قد تتعمق في الأيام المقبلة.
العاصمة في حالة من الفوضى
ولم يؤثر الانقطاع على الشركات فحسب، بل أثر أيضًا على الحياة اليومية للمواطنين. توقفت إشارات المرور عن العمل، فيما حذرت الإدارة العامة للمرور في إسبانيا المواطنين من تجنب القيادة بسبب خطر وقوع الحوادث. لكن الذعر تسبب في عودة العديد من الأشخاص إلى منازلهم في وقت قياسي، مع زيادة حركة المرور على الطريق السريع M-30 بنسبة 194%، وهو أعلى معدل تم تسجيله على الإطلاق، وفقًا لمؤشر TomTom Global Traffic Index.
الأمن السيبراني أمر مشكوك فيه
وفي حين انتشرت شائعات حول احتمال وقوع هجوم إلكتروني منسق على الشبكة، نفى رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا الحادث بشكل قاطع، مدعيا أن الحوادث لم تكن نتيجة لهجوم خارجي بل كانت بسبب عوامل تقنية معقدة وعوامل متعلقة بالطقس.
وفي حين يُتحدث عن الطاقة الشمسية باعتبارها أحد أسباب اختلال التوازن، فقد بدأت تُطرح أسئلة حول اعتماد أوروبا على مصادر الطاقة المتجددة دون أنظمة احتياطية فعالة. ولم تستبعد مصادر في قطاع الكهرباء أن يكون الإفراط في توليد الطاقة الشمسية قد تسبب في فشل الشبكة، وهو ما يفتح فصلا جديدا في النقاش حول التوازن بين البيئة واستقرار الطاقة.